بقلم : عمر جاسم محمد
باحث من العراق
مؤسس ومدير مشروع :
Historical Research Services
www.facebook.com/HistoricalHRS
التاريخ، مثل العالم نفسه، يتغير ولكننا لا نفهم كيف يتغير بدقة، بعض التغيرات تبدو مثيرة، وبعضها مخيف جدا، الا انها جميعا تتطلب منا المشاركة لان التاريخ هو الصلة الوحيدة لعصرنا بالماضي.
ما كتبته هنا، هو من ابسط البديهيات التاريخية، وفي الواقع لا أظنها جديرة بالإشارة.
التاريخ و العالم يتغيران دائما ،وليس لاحد ابدا ان يفهم مثل هذه التغيرات بينما لانزال نسبح في عمقها، لهذا السبب تتم كتابة التاريخ بشكل اِرْتِجاعِيّ - عَكْسِيّ وليس مستقبلي، لاننا يمكن ان نعرف معنى الرواية فقط حالما عدنا الى الوراء لنرى نهايتها( والتي ليست بسيطة ابدا كما نتصور) كما انها واحدة من الاسباب الكثيرة لاعادة كتابة التاريخ بشكل مستمر. الا اننا نكتسب تصورات جديدة حول الاحداث التي وقعت بشكل مستمر ايضا، ويمكن ان تعكس تلك التصورات رؤية جديدة للتاريخ يمكنها ان تعمل تغيير جذري على الرواية نفسها بحيث لايمكننا التعرف على الرواية ذاتها كما كانت في البداية.
بديهية ام لا، اريد التأكيد على ان العصر الذي نعيش فيه مختلف بما يكفي لنعرف ان التاريخ و تدريس التاريخ يتغيران بشكل كبير عن الماضي القريب جدا، اعتقد اننا مرغمون على الرضوخ بشكل كبير الى التحولات العميقة للثورة الرقمية كما تم الرضوخ فيما مضى للاختراعات القديمة.
عندما بدأت التفكير في هذه القضية، لخدمة التاريخ و الزملاء العاملين في حقل تدريسه و البحث فيه، كنت اعرف منذ البداية ان استخدام الثورة الرقمية لتحسين دراسة التاريخ ستكون من بين اهم اولوياتي، انا محظوظ اذ حصلت على مقعد تدريس في احدى الجامعات، ومحظوظ ايضا اذ شاركت في وحدة الدراسات الاستشراقية وتحويل محاضراتها باستخدام التقنية لتصل الى العالم عبر الشاشة الصغيرة.
وهذه المقالة هي الاولى فيما سابدأ به قريبا لتأسيس حقل جديد في دراسة التاريخ"التاريخ و الثورة الرقمية" لاعكس مدى اهمية استخدام التقنية في تطور دراسة التاريخ .وستكون على المدى الطويل ذات قيمة اذا اجتمع المهتمون بهذا الشأن.
جزء كبير من اهتماماتي هو التاريخ البيئي"الحياة،المكان،القصص" لاستكشاف كل زاوية ممكنة في دراسة حياة السابقين(البشرية وغير البشرية على حد سواء) على جميع المستويات الجغرافية و الفترات التاريخية من خلال بناء وسائط وصياغة الروايات للمساعدة في فهم الماضي بكل تنوعه الثري، لاجل ذلك اشجع عقد جلسات حول هذا الموضوع للبحث في وجهات النظر حول اليات تطويره .
ماذا اعني بمشاعية التاريخ في ومن اجل العصر الرقمي؟ على الرغم من انني من محبي التاريخ الرقمي، الذي هو في الواقع ليس ما اريد الحديث عنه هنا، بل او تأمل العديد من الطريق الرقمية وما نقوم به كمؤرخين، حتى الزملاء الذين لم يستخدموا الحاسوب بعد، وما يزالون يستخدمون تدوين الجذاذات و القصاصات الورقية و تحليل المصادر و يكتبون على الورق، لاجل هذا وجب تفعيل دور التقنية لتطوير سياق التاريخ ودراسته وتعلم هذه المهارات.
خذ على سبيل المثال، الجامعات التي تحتضن الكثير من الذين يعملون بصفة مؤرخين يدرسون ويدربون الطلاب لاجل الدراسات العليا، دوما يبحثون عن المكتبة لاعتبار ان هذه المؤسسة من اهم الادوات الضرورية للوصول الى المعلومات، فتراهم يجلسون مجتمعين حول كومة من الكتب لتدارس التاريخ، ولاسيما العلوم الانسانية، بشكل خاص فان جوهر هذا الحقل هو توفر الكتب و المصادر ووجود مكتبات تحتوي القدر الكافي من الكتب، فترى ان الارتباط الاول و الاخير بالمكتبة مما يؤثر على نوعية واهمية البحوث التي يتم اجراءها، ومحدودية الرؤية فقط في النصوص دون الاطلاع الشامل الرقمي الافتراضي على حدود وجوانب الزمان و المكان لاسيما وان العلوم الانسانية تحتاج الى فهم كما ذكرت سابقا الارض و المكان و القصة عبر استحضار التاريخ البيئي.
تلك الايام ولت الى غير رجعة، التخصصات التي تحتاج بالمقام الاول الى المقالات و البحوث و الكتب اصبحت اليوم تستحضر بكبسة زر بسبب رقمنة النشر وانتفت الحاجة الى زيارة المكتبة (ارجوكم لاتسيئوا فهمي هنا،فتبقى المكتبة لها خدماتها الاساسية، ولكن الان يمكن بكل سهولة الوصول الى الكتاب او البحث عبر شاشة الكومبيوتر بدلا من الورق).مكتبتي الشخصية ذات الثمانية رفوف تحتوي على العديد من الكتب و المجلات يعود بعضها الى 1950 وما قبلها ومابعدها، ومراجع تاريخية ومجلات باعدادها الكاملة، تحتل الكثير من غرفتي الشخصية، لكنني الان ما عدت الجأ اليها كالسابق، فمن الاسهل علي العثور على المقالات من البحث داخل رفوف المكتبة التي تتطلب من جهدا كبيرا واعادة ترتيب رفوف الكتب في كل مرة ابحث فيها عن كتاب. وليس دائما انجح في العثور على ما اريده.
رغم كل ذلك ظل تأثير رقمنة الكتب بطيء وخجول،لذا سأكرس جهدي في تحقيق منظورين حول هذا الموضوع بالغ الاهمية، لان المؤرخين اعتمدوا لفترات طويلة على الكتاب الورقي كأداة رئيسية للدراسة، الا ان التغيرات التي حدثت لنا وللقراء احدثت فرقا كبير في التلقي و الاتصال بالكتاب و طريقة قراءته ايضا وعلى ما نقوم به من بحث ودراسة.ما اقصده هنا، هو ثبات الوعي بالتاريخ عبر ادوات أثرت على نوعية القراءة و الفهم وحتى التحليل الذي اصبح نمطيا.
من اهم التغييرات التي ربما لم يلتفت اليها الكثيرين، هو توفر الانترنيت على مكتبة رقمية عالمية متاحة بكل وقت وهي مكتبة Google Books التي تحتوي ما يزيد على 15 مليون مجلد،مما يجعلها اكبر من مكتبة يدنر في جامعة هارفرد، وثاني اكبر مكتبة بعد مكتبة الكونغرس، فقد اعلنت جوجل عن عزمها اضافة كل كتاب ينشر ، ورغم بعض الصعوبة في ذلك، الا انه من المؤكد ان المكتبات الرقمية هي المستقبل ليس فقط للمجلات بل للكتب ايضا.
لا احد منا يمتلك ادنى فكرة عن شكل المستقبل!
من الجهة الاولى، فان المكتبات الرقمية الجديدة تمثل اكبر تحقيق لـــ "ديمقراطية المعرفة" لان اي طالب في اي مدرسة ثانوية او كلية او حتى خارج المؤسسات التعليمية يمكنه بكل سهولة الوصول الى اي كتاب على الانترنيت او الاساتذة و العلماء في المؤسسات العالمية جميعا وبشكل سهل جدا لا يتطلب كبير عناء، ويمكن للمرء الان البحث و القراءة على الانترنيت، وهذا لم يكن متاحا قبل عقد من الزمن تقريبا حتى في المؤسسات التي تمتلك العدد الاكبر من الكتب، وبهذا يمكن للمرء التخلص من اكبر عقبة واجهت المفكرين و القراء على حد سواء في فترات الحظر على الكتب وفرض نوعيات محددة منها للقراءة.
من وجهة نظر اخرى، هناك قلق كبير حول اختراق الملكية العامة و الحقوق الفكرية وحق الوصول الى المواد التاريخية و الوثائقية وعدم قدرة المؤرخين على اتاحة موادهم خشية من ذلك، ويخشى البعض ان تتم خصخصة المواد المنشورة على الانترنيت، الا انني اطمئنكم ان سياسة الوصول الحر و المصدر المفتوح على وشك الانتصار.
دعوني اختم مشيرا الى طمأنتكم حول بشائر انتصار سياسة المصدر المفتوح و الوصول الحر فالعالم الترقمي يشهد تغييرا لا مثيل له و نحن نجني ثماره الان ولاحقا اعتقد ان احتكار الروايات التاريخية و تغييبها و اخفاء الحقائق لن يعود له مكان، فمن السهل جدا الوصول من اي مكان في اي زمان لاي شيء.
وهنا ساسرد لكم نماذج من المشاعية الرقمية للمصادر المفتوحة واولها واهمها :
1. مكتبة المصطفى الالكترونية : تحتوي على الاف الكتب و المخطوطات و المجلات و البحوث و الدراسات.
2. مكتبة علي مولا : تحتوي على الاعمال الكاملة للمؤلفين و الكتب حديثة الاصدار و القديمة ويتم تحديث المكتبة باستمرار.
3. مكتبة المهتدين: مكتبة مهتمة بكتب العقائد و الحضارات و الحوار الحضاري اضافة الى العديد من الكتب و الدراسات باللغتين العربية و الانكليزية.
4. مدونة لسان العرب: للكتب و المجلات و الاطاريح و الرسائل و المخطوطات .
5. المكتبة الرقمية: جامعة الموصل كلية الاداب. بلغت مايربو على نصف المليون كتاب بشتى التخصصات و اللغات.
6. موقع المجلات العلمية الاكاديمية العراقية: 237 مجلة اكاديمية محكمة 43 جامعة 68006
. 7. مركز ودود .
8. المكتبة الشاملة.
9. موقع الالوكا لمصورات الكتب.
10.المكتبة العلمية الافتراضية العراقية: IVSL.
11. Historical Research Services HRS.
12.Google Cultural Institute
13. Google World Wonders Project
14. Directory of Open Access Journals: DOAJ : 9929 journals ,5578 journals searchable at article level , 121 Countries , 1513906 articles.
15. Project Gutenberg: Free ebooks
مشروع غوتنبرغ هو مشروع تطوعي يهدف إلى تحويل وتخزين ونشر الأعمال الثقافية بشكل رقمي. أسس المشروع مايكل هارت في عام 1971 م وهو أقدم مكتبة إلكترونية موجودة. معظم المواد الموجودة في المشروع عبارة عن نصوص كاملة ذات ملكية عامة.
16. Medievalists.net | Where the Middle Ages Begin
17.
والمزيد المزيد من المصادر المتاحة مجانا....
اتمنى لكم قراءة ممتعة.
عودة الى صفحة دراسات
*
ملاحظة: ان حقل التعقيب ادناه لا يتسع لاكثر من 7 اسطر او 140 كلمة ، لاسباب فنية ضمن النظام البرمجي الحالي. عليه يرجى تجزئة التعقيبات الطويلة وارسالها تباعا. مع جزيل الشكر للمشاركة.ـ
*