الامير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي
صفحات من الجهاد والكفاح المغربي ضد الاستع
1912-1927
بقلم أ.د. ذنون الطائي
صدر عن الدار العربية للموسوعات سنة 2010، كتاب هو (جديد - قديم) نُسب للزعيم المغربي محمد بن عبد الكريم الخطاب، قائد ثورة الريف المغربية للسنوات 1921-1926 وتحقيق الاستاذ الدكتور محمد علي داهش. وقد ادهشني المؤلف والمحقق، وبتُ في حيرة من امر هذا الكتاب، فالكتاب كما اعرف واحتفظ بنسخة منه، ليس مخطوطة لكي ينسب الى الشيخ الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي، والمحقق، ليس الاستاذ الدكتور محمد علي داهش، وانما هو مؤلف الكتاب، الذي صدر عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد/ العراق 2002، وهو بالاصل، رسالة ماجستير ناقشها الاستاذ داهش سنة1983 كما اعلم، وطبعت سنة 2002 م ، بعنوان (محمد بن عبد الكريم الخطاب: صفحات من الجهاد والكفاح المغربي ضد الاستعمار)، للدكتور محمد علي داهش
في ضوء ذلك لا اعرف ما هو سبب هذه الاشكالية بتغيير اسم المؤلف وجعله محققا واعتبار الكتاب مخطوطا نُسب الى الشيخ المجاهد الخطابي.؟!
ولابد من الاشارة الى اهمية هذا الكتاب الذي يؤرخ لثورة عربية اسلامية، ثورة الريف، التي انطلقت في الشمال المغربي سنة 1921 وواصلت كفاحها حتى سنة 1926. وهو يقع في طبعته الاولى سنة 2002 بحدود (246) صفحة، تتقدم الكتاب الاية القرآنية الكريمة من سورة آل عمران، بسم الله الرحمن الرحيم ((إن يمسسكم قرحٌ فقد مس القوم قرح مثله)) [الاية 140] وقد حذفت هذه الاية الكريمة من الطبعة الجديدة لسنة 2010، فضلاً عن اضافة كلمة للناشر في ص ص 5-12 من الطبعة الجديدة المشار اليها.
يتضمن الكتاب القديم-الجديد، مقدمة وخمسة فصول، يتناول فيها المؤلف داهش، الاوضاع العامة للمغرب منذ القرن التاسع عشر حتى بداية القرن العشرين، مشيراً الى الاوضاع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فضلاً عن التطورات السياسية التي حدثت في المغرب في ظل الحماية الثنائية (الاحتلال الفرنسي والاسباني) وتتبع المؤلف اساليب التغلغل الاسباني حتى قيام ثورة الريف. وفي سياق التطورات التاريخية للمقاومة المغربية، شرح المؤلف جذور المقاومة الريفية في اقليمي الريف وجبالة في الشمال المغربي. ثم انطلاق ثورة الريف سنة 1921 وقدراتها على تحقيق انتصارات عسكرية حاسمة ، كان ابرزها انتصار (معركة انوال الخالدة) التي مهدت الطريق للامير الخطابي لمواصلة عمليات التحرير للشمال المغربي، والتمكن من توحيده مع الثورة الجبالية التي كان يقودها الشريف احمد سنة 1924، وخلال سنوات الكفاح المسلح تواصل البناء الداخلي على الصُعُدِ كافة، انطلاقاً من النظام السياسي ومؤسساته، فضلاً عن المؤسسة العسكرية بصنوفها كافة (عدا الطيران) .وتطرق المؤلف الى الجهود المبذولة في مجال القضاء والتعليم والصحة والمواصلات، من اجل بناء قاعدة صلبة لتحرير المغرب بأجمعه. وفي نهاية الكتاب اشار المؤلف الدكتور داهش الى طبيعة التحالف الاستعماري الاسباني الفرنسي سنة 1925-1926 مبيناً الصراع الريفي الفرنسي، وخشية الفرنسيين من قوة النفوذ الريفي، حيث اصبحت ثورة الريف قطباً جاذباً للشعب المغربي وللأمير الخطابي.فتحالف الفرنسيون مع الاسبان للحفاظ على وجودهم واسقطوا تلك التجربة التحريرية ،حيث استسلم الخطابي للفرنسيين، بعد ان ادرك ان الشعب في الشمال المغربي سوف يباد بالغازات السامة وكان ذلك في 27أيار \مايو 1926
بقي ان اقول ان هذا الجهد العلمي للدكتور الداهش يمتلك الريادة قبل ثلاثة عقود في البحث وتسليط الضوء على تجربة تحررية عربية، تركت بصماتها في مسيرة الحركة الوطنية المغاربية والعربية، لا بل العالمية من خلال تأثيرها على مسيرة بعض الثورات العالمية كالصينية والفيتنامية باعتراف قادتها. كل التحايا للدكتور داهش على تلك الاضافة العلمية الاصيلة للمكتبة العربية، من خلال هذا الجهد ومؤلفاته العلمية الاخرى التي رفد بها المكتبة العربية، ولمعالجاتها التاريخية وفق المنهج العلمي الاكاديمي والجهد الدؤوب الذي ما انفك يغذي جذوته بمزيد من المؤلفات .
عودة الى صفحة دراسات تاريخية